في الغربة قالت



في الغربة يا حبيبي


لا أحد يسأل عني هنا


لا أنت ولا أبي هنا


حين يصيبني مكروه


أشعر بالوحدة


أذكر أني وإن كنت أسمعكما


إلا أنكما لستما معي


أنا هنا وحدي


أعاني المرض وحدي


أبكي طول الليل وحدي


أشرد طول اليوم وحدي


آكل وأشرب وحدي


أتألم وحدي


لا يد تمتد لتربت على كتفي


ولا يد تمتد لتمسح على رأسي


ولا يد تزيل دموعي المنسابة من عيني


عيني ، هذه التي لم تفارقها الدموع


ها أنا أسمع صوتكما أنت وأبي


وأسمع دقات قلبكما في التلــِــفون


و أشعر بتهدج صوت أبي


حين يكتم دمعه


وأسمع رنة دمعتك


حين أقول لك :


أحبك


أحبك


أحبك


ثلاث مرات كما اعتدنا


سكتت دموعي الآن


وبدأت حالة اللا شيء


كما هو معتاد


أخرج من البكاء ولا أستطيع الفرح


حتى آلام جسدي سكنت


ولم أتناول قرصًا واحدا من الدواء


لأني حدثتك ولو على الورق


أنت سكني وسكوني


رعشة الجسد


حين تلامسني ذكراك


حين تداعبني صورتك


حينما تلتقي أرواحنا


في الغربة يا حبيبي



أحمد سعيد
23 / 5 / 2009

سمَّموا الرُّطـَبَ الجنيَّا



آهٍ يا مُحَـمـَّـدُ يا مُحَـمـَّـدْ



آهٍ ضيَّعوكَ بلا خطيَّةْ



آهٍ سمَّموا الرُّطـَبَ الجنيَّا



آهٍ يا سليلَ المُلكِ



ضاعتْ مباهجُ مُـلكِ جدِّكَ



والمقاعدْ



فلا الأحزابُ تنفعُ يومَ موتـِكَ



ولا الدنيا



ولا حربُ المقاعدْ



فأنتَ اليومَ تــُـحمَـلُ فوقَ نعشٍ



وأنتَ اليومَ تــُـحمَـلُ للتراب



فأمْهـِـلنا قليلاً كي نراكَ



وننظــُـرْ فيكَ أحلامَ البراءةْ



فأنتَ الطفلُ



والأطفالُ خلقٌ



لهمْ في جنةِ الفردوسٍ راتبْ



فأنزلْ ربِّ في صدر العلاءِ



من السـَّـلوى



ومن حـُـسْـنِ اقتداءٍ



بخيرِ الخلقِ في شـِـدِّ البلاءِ



وصبِّرْ قلبَ أمٍّ عنْ ملاكٍ



لـَهُ دونَ الملائكةِ احتفاءُ

****

في رثاء محمد علاء مبارك

أحمد سعيد

19 / 5 / 2009

الإله .. قصة


هذه القصة مهداة للروائي السوداني الراحل



الطيب صالح رحمه الله



*****




أتيتُ ،، وفي ثنايا جعبتي أسرار ،



ليس لَوْني هو العائق الوحيد بيننا ،



ليس ذنبي أنني لستُ من هنا ،،



واردٌ أن أكونَ ابنَ فرعونٍ أصيلٍ لم يجد نفسَه



بين هؤلاءِ الرافضينَ لي ،



ربما حَـنَّ دمُ الفرعونِ إليكِ فجئتُ أنا




في لياليكِ السعيدةِ جئتُ أرنو للسعادةِ ، جئتُ أمرحُ



بعدما سمعَ الشبابُ كُـلُّهم في قريتي عنكِ ،



عن شوارعِـكِ الواسعةِ الـمُـتَلألِـئَـةِ ،،



عن حُسَـيْنِكِ والزمالكِ ।سامحيني لم يدعني الناسُ أحيا هنا أكثرَ



آهٍ ،، هذه حكايةٌ طويلةٌ بدأت منذُ جئتُ صبيًّا ،



لم أكن أعلم أنَّ المصريين صاروا يفخرون بمصريـَّتِهِم وناصِـرِهم



حتى تصوَّروا أنفسَهم آلهةً



و صِرنا نحنُ عبيدًا لهم ولكبيرِ الآلهةِ



بحثتُ عن عملٍ فلم يجدوا فيَّ غيرَ خادمٍ



في قصرِ أحدِ الآلهةِ



شابٌ أسودُ البشرةِ حسنُ القَسَمَاتِ مُنبَسِطُ الجسدِ



وسيمٌ رغمَ سوادِ لونـِي ،،



استخدمني لأساعده في لبسِ بزَّتـِه العسكريةِ الفخمةِ



وحذائـِه الأوروبيِّ



لكن زوجـتَه اكتشفت فيَّ مواهبَ أخرى



خادمٌ أيضًا



والاختلافُ أنـِّي صِرتُ خادمًا في السرير ،



رأيتُ الفرحةَ في عينـها أولَ يومٍ دخلتُ فيه القصرَ ،،



وفي أولِ مأموريـَّةٍ خرجَ إليها أخبرتني عن شغفِها ورغبـتِها



في النومِ معي ، ما كانَ لي أن أرفضَ عرضًا كهذا ،



سيضمنُ لي حضنُها الرعايةَ والترقيةَ السريعةَ في القصرِ و



المالَ الوفيرَ ،، لم أرفضْ ولم أستسلمْ لنصيحةِ أبـي عندَ القطارِ



في آخرِ ساعةٍ لي قبلَ السفرِ ،، راودنـي صوتـُه كـثيرًا لكنني صمدتُ :



( من زنا في الغُربة لا عادَ منها سالمـًا ولا غانـمًا )



في فراشِها المهيبِ وفي سطوةِ الخمرِ العجيبِ قمتُ لأولِ مرةٍ



بالإعلانِ عن ذكورتي ،، نعم صِـرتُ شابًا عشرينيًّا يافعًا



يجدُرُ بـي أن أُجيدَ إدارةَ الوقتِ في الفراشِ



لتجدَ في كُـلِّ لحظةٍ طعمًا جديدًا للمُتعةِ لتعلمَ ألوانـًا جديدةً للنشوةِ



لـتُسمِعَنـِي نَغَمًا جديدًا للـتَّأوُّهِ والأنينِ



صارت كغزالٍ في قبضةِ أسدٍ لا يرحم



في الجيزةِ أنظرُ للهرمينِ ، والثالثُ تحتي



أحلمُ بأبي الـهُوْل بُراقــًا يحمِلُني ويطير ،، يطَّوَّفُ بـي في أرجاء أبو سِمبِل ،



والطيرُ يرفرفُ حولَ الشمسِ والقمرِ الساجدِ عندَ الأقصر



يهتفُ هاتف : يا أيـُّها الطيرُ ادخلوا إلى المعبدِ لا يذبحَـنَّكم رمسيسُ وجنودُه ،



قلتُ أنا طيروا في أرضِ الله الواحدِ ، طيروا ؛ لا يخشى القتلَ مجاهد ،،



يا ثـُريَّا اعلُ حتى تأتِنا ،، نحنُ الذينَ قُدِّست أسماؤهم في المعبدِ القديمِ



ظَلْتُ أقولُ وأبكي حتى داهمني صوتُ الضَّابطِ يأتي من المُكَـبِّر



مُهَدِّدًا إيايَ إن لم أنزل من فوقِ أبي الـهُوْل أن يُطلِقَ الـنَّارَ عليَّ ،



لكنني أبيتُ بفروسيَّةٍ وعنادٍ أستحقُّ عليهما



أن تُناديني الهانمُ بالحصانِ الأسودِ العَتِـيِّ ،،



ليتَها هنا الآن لتراني واقفًا مُتَحَدِّيًا كــُـلَّ عرباتِ الأمنِ المركزيِّ



وشرطةِ السياحةِ والضَّابطَ الذي لم يتوقف نداؤه وتهديدُه ،



ليتها تأتي وصاحباتـها ليعلمنَ جميعًا أنـِّي



ما أصابني العجزُ والخرفُ والشيبُ كما يدَّعينَ ،



ليس لبياض شعري ولا سواد وجهي علاقة بعَظَمَـتِي ،،



ليأتينَ وينظرنَ مع الناظرينَ آياتِ قوَّتي



و إعلاني على الملأ أنِّي هنا الإله دونَهم ودونَ كبيرِ آلهتِهم



حين قلتُ للهانمِ : أتعلمينَ سيدتي أبو الـهُوْل هذا بـُراقي



الذي سأُحَــلــــِّــقُ به للأعالي لأجلسَ عن يمينِ الشمسِ ،



صرخت في وجهي غاضبة ً :



" انت خلاص كبرت وخرفت وجنانك ده ميتسكتش عليه "



لم تدرك أنِّي صِرتُ إلـهًا توَّجني آمونُ هنا



كذلك لم يدرك الضابطُ حينَ أطلقَ الرصاصَ



لن أعبأ بالدمِ الخارجِ من صدري ، لن أبكيَ ،



لن أصرخَ منَ الألمِ ،



لن أسقطَ على هذهِ الملاءةِ العريضةِ التي



فرشوها لأسقطَ عليها



ها أنا آتي إليكَ يا أبـي



على جناحِ الملاك العظيم



انتظرني عندَ محطةِ القطارِ



سأبكي طويلا ً بينَ يديكَ


أحمد سعيد



22 / 4 / 2009

اقتليني .. قصيدة

اقتليني هذه قصيدة صديقي

الشاعر الدرعمي المــُـلهــَـم


عبد الهادي محمود


نقدمها لنستمتع معـًا بما فيها من حسٍّ مرهف


وجمال تصوير للمشاعر الإنسانية الراقية


فلنذهب لعالم عبد الهادي ،، ونترككم معه



جفــِّـفي عينيكِ لا تبكي أمامي


واحضُـني كَـفــِّي بعنف


توِّجي رأسي بأطواق الحَـمَام


سدِّدي نحوي سهامـَـكِ دونَ رفق أو سلام


عذبيني


أشعلي في القلبِ نيرانـًا


فصمتـُـكِ قد يجورُ على الكلام


اصلبيني ،، لا تــَـكــُـفــِّـي عن عذابي


اطرقي بابَ المشاعر علــَّـها تجتاحُ بابي


أغرقيني في بحار العشق عُـمرًا


اتركيني تائهـًا بينَ الضـَّـباب


اكتبيني بينَ أوراق الكتاب وأحكِمي غلقَ الكتاب


لا تلـُـمني يا عذولي إن قلبي قد هواها


رغمَ أنفي ، رغمَ أنفـِـكَ إنني أرضى جفاها


إنني أرضى العذابَ إن تعذبني يداها


إنني أهوى الضلالة إن أرادت


إنني أهوى إذا هويت هداها


سأقولُ إن عادت وإن منحت لـِـقاها


استريحي فوقَ صدري


لا تفيقي


وارشـُـفي مني رحيقــًا دونــَما يدري رحيقي


ارفعي علمَ الأنوثة


في البحار وفي القفار وبين دفــَّـاتِ الطريق


اتركيني تائهـًا بين الجفون


ادمعي


إن البكاءَ يــُـزيد من حال الجنون


اسكنيني


اقتلي فيَّ الجفاءَ وأيقظي صوتَ الحنين


علــَّــني أرتاحُ يومًا بينَ كـَـفــَّـيك


احضنيني


خلــِّـصي قلبي من الأوجاع والجرح المـُـهين


سأموتُ إن لم تـقـتــُـليني


فاقـتــُـليـنـي


Related Posts with Thumbnails