آدم الدرعمي على الثقافية كافيه


لقاء مع أحمد سعيد المصحح ( آدم الدرعمي ) حول تجربتي :


 
جبهة التصحيح اللغوي  


و التدوين الأدبي 


على النيل الثقافية 


برنامج ( الثقافية كافيه ) غدا الجمعة 


الساعة الخامسة مساءً 


بتوقيت القاهرة .. ننتظركم 


يبدو أن العام الجديد أتى بهداياه من أول يوم !

كل عام و أنتم بخير و حب و سعادة و نجاح 

دنيا .. الجزء الخامس


لقراءة الفصول الأربعة السابقة 



بعدما استيقظ و تحمَّمَ ، أشعل سيجارته و جلس أمام الكمبيوتر 



ليتابع آخر التعليقات على مدوَّنته و مدوَّنتها ، 



فضَّل البدء بتصفح صفحتها على الفيس بوك ، قرأ حالتها : 



" آسفة " ،


و بعض الشباب المعلقين باستظراف و مداعبات ..



فتح مدوَّنتها فإذا بها تنشر قصةً جديدةً عن أديبة مراهقة تقول فيها :



" و عندما دخلت الكوافير ، و جاء دورها ، جلست على الكرسيِّ ،



و بدأ المصفِّفُ عمله ، كانت نظراته ذاتَ مغزى عميق 



لا تعرفه سوى الذكية ذات الخبرةِ بنظراتِ الرجالِ ، ابتسمت له ، 



لم يكن وسيمًا ، غير أنه فَحلٌ بما لا يدع مجالاً للشكّ ، 



طولُه و عرضُه و مواصفاتُ جسدِه تـُغري بوحش على السرير ! 



أوووه كم أعشقُ هذا النمطَ من أجسادِ الرجال !! "



**


بعد عِدَّة نظراتٍ مُتَبادَلَة ، بدأت تمازحه و تعرِّفه بنفسها 



و بكتابها الأولِ الذي قرُبَ على النفاذِ من المكتباتِ ، 



وتسمح له بمداعبةِ رقبتها في استمتاعٍ بملمسِ يدهِ ، 



تركت له رقمَ هاتفها بالكارت و خرجت ،، 



قرأ الكارت و جسدُه ينتفضُ رغبةً ، 



لم ينتظر حتى يقرأ أرقامَ هواتفها ، خرجَ وراءَها .


- ألن تعطيني نسخةً من كتابكِ يا أستاذة ؟ 


- سأمرُّ عليكَ غدًا به . 


- غدًا ؟ أنا لن أنامَ اليومَ قبلَ قراءَتـِه . 


غزتها نشوةٌ جعلتها تـَقبلُ أن يذهب معها للبيت ليأخذَ نسخةً مع توقيعها .



استغربت من جرأته عندما وجدته ممددًا ساقيه بينما ذهبت لتأتيه بنسخة الكتاب !


فهم ما تودُّ قولَه ، بدأها : 



- أتذكرين إبراهيم الطيب ؟؟ 



- " إبراهيم الطيب ؟ " ردَّدت الاسم بنفس الدهشة و عيناها مصدومتان . 



- آه .. إبراهيم الطيب ،، الله يرحم أيامك يا هيما ،، كان رجلا بحقّ . 



- ماله إبراهيم ؟ 



- لا ، لا تخافي ، ليس به سوء ، كان عندي منذ أسبوع ، 



نجلس معا على المقهى المواجه للكوافير ، لا أعرف كيف أصف لك أنه طار فرحًا 


عندما رآك تمرين من أمامنا ، و تذكَّر شيئًا بينكما ، و حكاه لي ، ليس إلا لأننا أصدقاء جدًّا ،


فهو لا يفشي أسراره مع غرباء أبدًا ، حكى كلَّ التفاصيل ، كم شوَّقني لكِ ! 



كم أنا سعيد بمجيئك اليوم للكوافير ! أنت سعيدة الحظ اليوم .



- أوجز كلامك ، ما تريد ؟ 



ظهرت عليها علامات الخوف ، اصفرَّ وجهها ، و كاد ارتعادها يُسمِعَهُ صوتَ عظامِها .



- أنا معجب بكِ يا أستاذة ، و أعرفُ جيدًا أنك تحبينَ الرجل الشديد ، و تقدِّرين الرجولة !


- أنا .. أنا مرتبطة ، و علاقتي بإبراهيم انتهت منذ فترة طويلة ، 



و لا أحب تذكُّرَها ، أرجوك اتركني في حالي .



- أترككِ ؟ 


( ظلَّ يضحكُ بعدَها مُستهزئًا حتى اقشعرَّ بدنـُها )



قطع الضحكة بقوله : 



لن آخذ من وقتك الكثير يا فاتنتي ، يا عروس ليلتي هذه ، 



هيَّا تعالي ( قالها مُبرِّقـًا عينيه كأنما يُهدِّدُها ) .


كانت صرخات جسدها تدفعها نحو هذا العطشان لتسقيه من حلو ريقها ، 



و لتسلم له جسدها المسكين الذي يحتاج لمن يعيد البهجة لكل أجزائه ،



جسدها اشتاق للعبث ، للدغدغة ، للذوبان ! 




***


كانت كلُّ كلماتها تصدم أشياء داخلي ، تصدم ذكرى ، تصدم عاطفة أو مشهدًا ،، 



أذكر أنني حين انتبهت على رنين المحمول ، كان قد مرَّ وقت طويل ، 



و أنا مُصَوِّبٌ عينيَّ في مُدَوَّنتها ، كالغائب السكران كنت أحدثها ، 



بصوتٍ ينطق بعمق الجرح ، بهمسٍ يعلن مدى الانكسار ... 



دنيا : مالك يا حبيبي ؟



- بخير .. جميلةٌ قِصَّـتُكِ الجديدةُ .



- قرأتَها ؟ " بدا على صوتها أنها أُخِذَت " 



- متى حدث ذلك يا دنيا ؟ 


- أيّ شيء ؟ تقصد متى كتبتُ القِصَّةَ ؟ بالأمس .



- متى حدث ذلك يا دنيا ؟ 



- أنا لا أفهمك يا خالد ! 



- إذًا دعيني الآن ، سأتصلُ بكِ عندما أهدأ .. 



بعد ساعة من الانهماك في البكاء الهيستيريِّ و الدخان و الدموع و إعادة قراءة القِصَّة ، 



أتتني رسالة على المحمول منها ، نصُّها : 




" أنا آسفة يا خالد ، أخطأتُ في حقكَ ، سامحني ، أنا في مصيبة لا تتخلى عني أرجوك " 




كانت القِصَّةُ لا توضِّحُ سوى استمتاعها بالرجل الأربعينيِّ ، و خوفها من عِلمِ حبيبها بخيانتها .



اتَّصلتُ لأسألها عمَّ تصفه بالمصيبة ، صدَّرت البكاءَ مكالمتها ، 



ترتعد و هي تقول :



خالد ، هذا الحيوان الذي أخطأت معه يهددني بفضحي ، و يطلب مني ثمن سكوته ..



خالد ، أنا مرعوبة .



ثم تروح في موجة بكاء هادرة !

***** 

انتظروا الفصول الباقية بإذن الله قريبا  ... 

أحمد سعيد  ( آدم الدرعمي ) 

دنيا .. قصة


دُنـيَـا

1

في لقائنا الأول كنت أجلس وسطَ صاحباتي وأصحابي على مقهى بوسط البلد ،
وكان هو يمشي أمامَنا مُمسِكًا المحمولَ ، التـَقـَتْ أنظارُنا و اشتبكت حدقاتُنا ،
أنزَلَ محمولَه من جوار أذنِه و أخذَ يُحَملِقُ فِـيَّ ،
ناداهُ جاسرُ : يا خالد ، تعالَ هنا .

جذبني صوت جاسر تجاهه .. هل ينادي الشخص نفسه ؟

تردد نظري بينهما ، حتى تأكدت .

أخذ جاسر يعرفنا به :

- خالد صديقي ، شاعر فصيح سيعجبكم شعرُه جدًّا .

ابتسم الحاضرون مُرَحِّبِينَ به ،
و كانت ابتسامةُ كلِّ واحد و واحدة منهم تتسعُ عندما يأتي دوره ليعرفه بنفسه .

دنيا .. دنيا

- نعم يا جاسر ، هل تناديني ؟

- يبدو أن الوحي قد جاءك بقصة جديدة ، لنا زمن ننبهك ، عَرِّفِـي نفسك لخالد.

أخرجني صوته من حلم يقظة صغير ، رأيتني فيه أواجه هذا الواقف المبتسم :

- هل رأيتُكَ من قبلُ يا هذا ؟

أجابني برقَّةٍ مُمتَزِجَةٍ بابتسامةٍ وهو يحرِّكُ كَتِفَيه :

- لم نلتقِ بعدُ و لكننا لا بدَّ حتمًا سنلتقي ذاتَ يوم .

قلتُ معتذرةً :

- آسفة يا جاسر ، فعلاً جاءني الوحي ،، أنا دنيا يا ....

ما اسمك ؟

- أنا خالد ، يبدو أنكِ فعلاً كُنتِ في عالمٍ آخر .

قالها مُطلِـقًا ضِحكةً متودِّدَةً طالبةً ردًّا .

لم أرد بأكثر من ابتسامة و " أهلاً بك "

2

- دنيا ، ممكن أكلمك على انفراد ؟ قلتُها مُندَفِعًا فأجابتني :

- أنت جريءٌ كعادة الشعراءِ ، و فيمَ تريدُني ؟

- سأخبرُكِ ، تعالي للمقهى المجاور ، أفضل من هنا .

ردَّت بتردُّدٍ :

- و هو كذلك ، تعالَ ،، استأذن منهم فقط .

رحنا للمقهى الذي بالشارع المجاور و أنا تائه بين أفكاري ،
لا أدركُ ما سأقول لها ،
ولا أعرف كيف واتتني الجرأةُ لأجترَّها هكذا من بينهم ،
و ليس يجمعُنِي بها سابقُ تعارف ؟
ليس بيننا سوى هاتين الساعتين من الحديث و الضحك !

- دنيا .. أنا أحبكِ .

- نعم ؟

- أحبكِ .

تعكَّرت ملامحُها الباسمةُ ، وضعت رأسَها على كفِّها الأيسرِ ،
و ظلَّت تحرِّك أصابعَ يُمناها بين الانقباض و الانبساط في عصبيةٍ
 كأنها استُغرِقت في التفكير ففقدت السيطرةَ على حواسِّها .

- "أنا لا أفهمُ شيئًا حقًّا" . قالتها باستغراب و عصبية !

- أي شيءٍ لا تفهمين ؟

- كيف لي أن أشردَ لأحلم بكَ بعد لحظات من رؤيتكَ ثم لا تمرُّ ساعاتٌ
و أجدكَ أنت تفاتحني في موضوع حبكَ لي ؟
أليس ذلك عجيبًا يشبه حكاياتِ جدتي عن الشاطرِ حسن ؟

قلتُ لها مبتسمًا زاهيًا :
كان يجب عليها أن تحكي لك عن الشاعر خالد و ليس الشاطر حسن .  

ثم ضحكتُ ضحكةً خرجت من القلب
الذي كاد أن يخرج من مكانه ليطيرَ و يرقصَ فرحًا بكلامها ،،
هي أيضا أعجبت بي .. بل أحبتني ،،

كذلك قالت بالضبط .

3

- أنا لا أقبلُ أن يكونَ لي شريكٌ فيك يا دنيا .

- ألن ننتهي من أوهامِكَ هذه يا خالد ؟

- لماذا كلُّ هذا الحرص على صداقة جاسر وعبدون إذن ؟

- قلت لك ألفَ مرة إنَّ جاسرَ صديقي لا أكثر ولا أقل ،
كُـنَّا في علاقة حب و لم تتم ، لم يعد بيننا غير الصداقة ،
و عبدون صديقك في الأصل ، لكنه معجبٌ جدًّا بكتاباتي ،
مثله مثل غيره ،
هذا كلُّ ما يجمعنا ، كفَّ عن الشكِّ .. شكُّكَ يخنقني يا خالد .

- هل عليَّ أن أعيدَ عليكِ الإجابةَ نفسَها ؟

و ليكن ، سأعيدُها :

يا مولاتي ، فرقٌ كبيرٌ بين الغيرةِ و بين الشَّكِّ ،
ثم إنَّ من حقي أن أرفضَ صداقتك بشخص كان في يوم من الأيام حبيبًا لكِ
يُـردِّدُ على أذنك كلمات العشق و يترقق وهو يمسك بيديك ..
والله أعلم بما هو أكبر من ذلك !

و عبدون هو الآخر الذي يجهد نفسه
ليخفي رغبته الواضحة في الدخول في علاقة معك ،
أقرأ كلَّ يوم كلامًا غريبًا في عينيه ولا أجد إلا الصبر ألوذ ب
ه لكي لا أفقدكما ، و أنتِ لا تبالين بي !

- لا تلمه ، فقط لم نفسك أيها الشَّكاك .

قالتها دون أن تلتفت لما أصابني من أسى لكونها لا تراعي مشاعري ،
حتى و إن كنت مخطئًا فأنا حبيبها ،
لابد أن تخرجني من الأسى ، لا أن تزيده بتجاهلها لآلامي !

على هذا النحو مضت الشهور وهما يُعذَّبان ،
تحتاج هي - كأديبة شابة -للمعجبينَ و المعجباتِ
الذين يشترونَ مجموعتَها القصصيةَ الأولى
و يلتفُّونَ حولها ليحققوا لها الزهوَ الذي ترجوه .

و هو مُغرِق التفكير دائمًا في تصرُّفاتها المنفتحة أكثر من اللازم ،
صحيح هو مؤيِّد للحريات جميعًا
و لا يترك مناسبةً إلا دافع عن حقوق المرأة و دعا للحريات العَقَدِية والجنسية
إلا أنه كان دائما يقول لنفسه :

" إن لكل حرية حدودًا ؛ فليس من حقها بالطبع إن اختارت واحدًا تحبه 
و اختارها لتكون شريكته أن تخونه مع آخرين بدعوى الحرية " .

4

كان مُرهقًا ، تملَّكَهُ التعبُ ، لم يستطع النومَ ، كان قلبه يخفق و يضطرب
و عقله لا يتوقف عن التفكير المتوالي المتتابع السريع المـُرهِق ،
تمرُّ الصورُ أمامَ عينيه فينكرها ، يالك من شيطان لعين
تعبث بي لتغيرني تجاهها ! بالطبع هي تستعدُّ الآن ليوم عيد ميلادي ،،
تـُرى ما ستكون هديتُها لي في أولِ عيدِ ميلادٍ لي معها ؟

أيُّ شيء سيرضيني فعلاً .. يكفي أنها ستأتي بنفسها لتحتفل معي به ..
سنعيش أسبوعَ عسل لا مثيلَ له ،
سيقنعها ذلك الأسبوعُ بالعدولِ عمَّا هي فيه ،
ستوقِفُ أيَّ شخص يحاولُ التقربَ إليها فورًا ،
لن تحتاج لمعجبين غيري بعد هذا الأسبوع .

لماذا إذًا تـُخيِّـلُ إلـيَّ أيها اللعينُ أنها تخونني ؟
أليس من الظلم أن أفترضَ شيئًا لا دليل عليه ؟
أنا أدرك جيدًا أنها صارت ذات شهرة وصيت بين أدباء الجيل ،
هذا يسعدني جدًّا و لا حلاوة دونَ نار كما يقولون ،
فما دام نجاحُها يسعدُني فلِمَ لا أقبلُ حتميةَ أن لها معجبين
من الرجال و النساء على حد سواء ؟

نفدت سجائري ، أووه هل دخنتُ العلبتينِ حقًّا ؟؟
حسنًا ، في داهية .

(خرج ليشتري سجائره فأدركَ أن الشمسَ كادت تتوسط السماءَ ،
كان يظنُّ السماءَ مظلمةً الآن ! )

- دنيا ! صباح الخير يا حبيبتي .

- صباح الحب يا حبيبي ، مال صوتك ؟

- فقط مرهَق من قلة النوم ،
لا تقلقي سأشتري علبتَيْ سجائر و أعود لأنام و أستيقظ بحال أفضل .

- وما الذي سهَّرك ؟

- أنتِ يا حبيبتي .

- أنا ؟

- أفكِّر فيك يا حبيبتي ، ليس يشغلني إلا حبكِ والتفكير فيكِ ،
ليتكِ لا تنتظرينَ للغد ، تعالي اليوم .

- حبيبي أنا أستعجل قدومي أكثرَ منك ، أوحشتني بشدَّة ،
لا أدري كيف صار حبكَ يملكني هكذا !

- معقول ؟ أتقولين ما أسمعه أم الجوعان يحلم بسوق العيش ؟

ضحكت و قالت :

- لا يا جوعان ، أقول لك فعلاً : أنا أحبكَ ،
و لا أدري كيف سيطر عليَّ حبُّكَ هكذا ،، صِرتُ مجنونةً بكَ !

كان لسانه يستعدُّ لتلقينها درسًا في النكد بقوله : منذ متى ؟؟؟ 

إلا أنه سيطر عليه و لم يـُرِد إفسادَ لحظاتِ السعادةِ والنشوةِ بكلماتِ النَّكَدِ .

- حبيبتي ربنا يخليكِ لي ، و لا يحرمني منك .

- هيا ، نم ، صوتك مرهَقٌ جدًّا ،، سلام يا حبيبي ،
اتصل بي لما تستيقظ .

- طيب ، أحبكِ ، أحبكِ ، أحبكِ ،، سلام .

- أحبكَ ، أحبكَ ، أحبكَ .

وهبته قبلةً أنهت بها الاتصال ،
و تركته يراجع كلَّ الأفكارِ التي عذَّبته طوالَ الليل ،
صورتها وهي تخونه ، استسلامها لشريكها المجهول لديه ،
ماذا لو دخلَ عليها الغرفة و وجدَها معه ؟ هل فكَّرت في ذلكَ ؟

لماذا كل هذا التفكير في أنها ستخونني ؟؟
أَ لأَنـَّها صارحتني بأني غير مثيرٍ لها ؟

أَ لأَنـَّها تحبُّ الجسدَ الذي يشبه جسدَ جاسر ؟؟
لستُ أشبهه ، و ليسَ وسيمًا ، و جسدُه ليس مثيرًا أصلاً ،،
ذوقها زِفت ! أيعجبها هذا القذر و لا أعجبها أنا ،
أنا الذي داخت الجميلاتُ -اللاتي يفوق جمالُ أقلهنَّ جمالاً مئةَ دنيا مثلها-
تَوقًا لإقامة علاقة معي ، و أنا لا أهتم !

سُبحان الله !

كفى ، أستترك نفسكَ لهذا التفكير يقضي عليك ؟؟

كانت السجائر تُشبِعُ شيئًا بداخلي ،
تشعلُ شيئًا ، تطفئ شيئًا ، كانت متصرِّفةً بكياني كله ،
كان احتياجي لها مختلفَ الطبيعةِ ، ليس كما اعتدته ، ليس أثرها كما كان !

كل شيء مختلف ، لونُ السماءِ مخطوفٌ كأنَّ قابيلَ فرغَ لتوِّه من قتلِ أخيه ،
و هي مفزوعة مما ترى ، حركة الناس متوتِّرةٌ مُرتبكةٌ ،
كأنهم شاهدوا القتل و يُخفونَ ذلكَ ، يُثرثِرونَ فيما بينهم 
بما لم أفهم منه جُملةً واحدةً ، يسيرونَ ببطءٍ و بسرعة ،
و أكادُ أرى بعضَهم يسيرُ للوراء ! 

صوت تأوهاتها معه لا يفارقُ أذني و كأنـَّها خلفيةٌ موسيقيةٌ لمشهدِ الحياة !

" سنتين و أنا أحايل فيك و دموع العين تناديك يا سبب تعذيبِي و الاسم حبيبي "

أجلسُ على الرصيف أدخنُ بجنونٍ ،
الناسُ ينظرونَ لي باستغرابٍ ، لا عليكَ ،
هكذا حالُ الشعراءِ في أعينِ الناسِ ، و لكنْ ،
لماذا تغمُرني بكلِّ هذا الحب ؟ لا يفعلُ ذلكَ إلا من أخطأ في حقِّ حبيبه ،
الرجلُ الطبيعيُّ لا يتغزَّل بجمالِ زوجته – التي لا يعجبه شكلها أصلاً – إلا أنه
يفعلُ ذلكَ بكثافة عند خيانتها ، و يزيد في الهدايا ليُسكِتَ ضميرَه و يخمدَه ،
أليس كذلك ؟
*********** 
انتظروا بقية الأجزاء قريبا بإذن الله 
آدم الدرعمي ( أحمد سعيد )


Related Posts with Thumbnails