آدم الدرعمي على الثقافية كافيه


لقاء مع أحمد سعيد المصحح ( آدم الدرعمي ) حول تجربتي :


 
جبهة التصحيح اللغوي  


و التدوين الأدبي 


على النيل الثقافية 


برنامج ( الثقافية كافيه ) غدا الجمعة 


الساعة الخامسة مساءً 


بتوقيت القاهرة .. ننتظركم 


يبدو أن العام الجديد أتى بهداياه من أول يوم !

كل عام و أنتم بخير و حب و سعادة و نجاح 

دنيا .. الجزء الخامس


لقراءة الفصول الأربعة السابقة 



بعدما استيقظ و تحمَّمَ ، أشعل سيجارته و جلس أمام الكمبيوتر 



ليتابع آخر التعليقات على مدوَّنته و مدوَّنتها ، 



فضَّل البدء بتصفح صفحتها على الفيس بوك ، قرأ حالتها : 



" آسفة " ،


و بعض الشباب المعلقين باستظراف و مداعبات ..



فتح مدوَّنتها فإذا بها تنشر قصةً جديدةً عن أديبة مراهقة تقول فيها :



" و عندما دخلت الكوافير ، و جاء دورها ، جلست على الكرسيِّ ،



و بدأ المصفِّفُ عمله ، كانت نظراته ذاتَ مغزى عميق 



لا تعرفه سوى الذكية ذات الخبرةِ بنظراتِ الرجالِ ، ابتسمت له ، 



لم يكن وسيمًا ، غير أنه فَحلٌ بما لا يدع مجالاً للشكّ ، 



طولُه و عرضُه و مواصفاتُ جسدِه تـُغري بوحش على السرير ! 



أوووه كم أعشقُ هذا النمطَ من أجسادِ الرجال !! "



**


بعد عِدَّة نظراتٍ مُتَبادَلَة ، بدأت تمازحه و تعرِّفه بنفسها 



و بكتابها الأولِ الذي قرُبَ على النفاذِ من المكتباتِ ، 



وتسمح له بمداعبةِ رقبتها في استمتاعٍ بملمسِ يدهِ ، 



تركت له رقمَ هاتفها بالكارت و خرجت ،، 



قرأ الكارت و جسدُه ينتفضُ رغبةً ، 



لم ينتظر حتى يقرأ أرقامَ هواتفها ، خرجَ وراءَها .


- ألن تعطيني نسخةً من كتابكِ يا أستاذة ؟ 


- سأمرُّ عليكَ غدًا به . 


- غدًا ؟ أنا لن أنامَ اليومَ قبلَ قراءَتـِه . 


غزتها نشوةٌ جعلتها تـَقبلُ أن يذهب معها للبيت ليأخذَ نسخةً مع توقيعها .



استغربت من جرأته عندما وجدته ممددًا ساقيه بينما ذهبت لتأتيه بنسخة الكتاب !


فهم ما تودُّ قولَه ، بدأها : 



- أتذكرين إبراهيم الطيب ؟؟ 



- " إبراهيم الطيب ؟ " ردَّدت الاسم بنفس الدهشة و عيناها مصدومتان . 



- آه .. إبراهيم الطيب ،، الله يرحم أيامك يا هيما ،، كان رجلا بحقّ . 



- ماله إبراهيم ؟ 



- لا ، لا تخافي ، ليس به سوء ، كان عندي منذ أسبوع ، 



نجلس معا على المقهى المواجه للكوافير ، لا أعرف كيف أصف لك أنه طار فرحًا 


عندما رآك تمرين من أمامنا ، و تذكَّر شيئًا بينكما ، و حكاه لي ، ليس إلا لأننا أصدقاء جدًّا ،


فهو لا يفشي أسراره مع غرباء أبدًا ، حكى كلَّ التفاصيل ، كم شوَّقني لكِ ! 



كم أنا سعيد بمجيئك اليوم للكوافير ! أنت سعيدة الحظ اليوم .



- أوجز كلامك ، ما تريد ؟ 



ظهرت عليها علامات الخوف ، اصفرَّ وجهها ، و كاد ارتعادها يُسمِعَهُ صوتَ عظامِها .



- أنا معجب بكِ يا أستاذة ، و أعرفُ جيدًا أنك تحبينَ الرجل الشديد ، و تقدِّرين الرجولة !


- أنا .. أنا مرتبطة ، و علاقتي بإبراهيم انتهت منذ فترة طويلة ، 



و لا أحب تذكُّرَها ، أرجوك اتركني في حالي .



- أترككِ ؟ 


( ظلَّ يضحكُ بعدَها مُستهزئًا حتى اقشعرَّ بدنـُها )



قطع الضحكة بقوله : 



لن آخذ من وقتك الكثير يا فاتنتي ، يا عروس ليلتي هذه ، 



هيَّا تعالي ( قالها مُبرِّقـًا عينيه كأنما يُهدِّدُها ) .


كانت صرخات جسدها تدفعها نحو هذا العطشان لتسقيه من حلو ريقها ، 



و لتسلم له جسدها المسكين الذي يحتاج لمن يعيد البهجة لكل أجزائه ،



جسدها اشتاق للعبث ، للدغدغة ، للذوبان ! 




***


كانت كلُّ كلماتها تصدم أشياء داخلي ، تصدم ذكرى ، تصدم عاطفة أو مشهدًا ،، 



أذكر أنني حين انتبهت على رنين المحمول ، كان قد مرَّ وقت طويل ، 



و أنا مُصَوِّبٌ عينيَّ في مُدَوَّنتها ، كالغائب السكران كنت أحدثها ، 



بصوتٍ ينطق بعمق الجرح ، بهمسٍ يعلن مدى الانكسار ... 



دنيا : مالك يا حبيبي ؟



- بخير .. جميلةٌ قِصَّـتُكِ الجديدةُ .



- قرأتَها ؟ " بدا على صوتها أنها أُخِذَت " 



- متى حدث ذلك يا دنيا ؟ 


- أيّ شيء ؟ تقصد متى كتبتُ القِصَّةَ ؟ بالأمس .



- متى حدث ذلك يا دنيا ؟ 



- أنا لا أفهمك يا خالد ! 



- إذًا دعيني الآن ، سأتصلُ بكِ عندما أهدأ .. 



بعد ساعة من الانهماك في البكاء الهيستيريِّ و الدخان و الدموع و إعادة قراءة القِصَّة ، 



أتتني رسالة على المحمول منها ، نصُّها : 




" أنا آسفة يا خالد ، أخطأتُ في حقكَ ، سامحني ، أنا في مصيبة لا تتخلى عني أرجوك " 




كانت القِصَّةُ لا توضِّحُ سوى استمتاعها بالرجل الأربعينيِّ ، و خوفها من عِلمِ حبيبها بخيانتها .



اتَّصلتُ لأسألها عمَّ تصفه بالمصيبة ، صدَّرت البكاءَ مكالمتها ، 



ترتعد و هي تقول :



خالد ، هذا الحيوان الذي أخطأت معه يهددني بفضحي ، و يطلب مني ثمن سكوته ..



خالد ، أنا مرعوبة .



ثم تروح في موجة بكاء هادرة !

***** 

انتظروا الفصول الباقية بإذن الله قريبا  ... 

أحمد سعيد  ( آدم الدرعمي ) 

دنيا .. قصة


دُنـيَـا

1

في لقائنا الأول كنت أجلس وسطَ صاحباتي وأصحابي على مقهى بوسط البلد ،
وكان هو يمشي أمامَنا مُمسِكًا المحمولَ ، التـَقـَتْ أنظارُنا و اشتبكت حدقاتُنا ،
أنزَلَ محمولَه من جوار أذنِه و أخذَ يُحَملِقُ فِـيَّ ،
ناداهُ جاسرُ : يا خالد ، تعالَ هنا .

جذبني صوت جاسر تجاهه .. هل ينادي الشخص نفسه ؟

تردد نظري بينهما ، حتى تأكدت .

أخذ جاسر يعرفنا به :

- خالد صديقي ، شاعر فصيح سيعجبكم شعرُه جدًّا .

ابتسم الحاضرون مُرَحِّبِينَ به ،
و كانت ابتسامةُ كلِّ واحد و واحدة منهم تتسعُ عندما يأتي دوره ليعرفه بنفسه .

دنيا .. دنيا

- نعم يا جاسر ، هل تناديني ؟

- يبدو أن الوحي قد جاءك بقصة جديدة ، لنا زمن ننبهك ، عَرِّفِـي نفسك لخالد.

أخرجني صوته من حلم يقظة صغير ، رأيتني فيه أواجه هذا الواقف المبتسم :

- هل رأيتُكَ من قبلُ يا هذا ؟

أجابني برقَّةٍ مُمتَزِجَةٍ بابتسامةٍ وهو يحرِّكُ كَتِفَيه :

- لم نلتقِ بعدُ و لكننا لا بدَّ حتمًا سنلتقي ذاتَ يوم .

قلتُ معتذرةً :

- آسفة يا جاسر ، فعلاً جاءني الوحي ،، أنا دنيا يا ....

ما اسمك ؟

- أنا خالد ، يبدو أنكِ فعلاً كُنتِ في عالمٍ آخر .

قالها مُطلِـقًا ضِحكةً متودِّدَةً طالبةً ردًّا .

لم أرد بأكثر من ابتسامة و " أهلاً بك "

2

- دنيا ، ممكن أكلمك على انفراد ؟ قلتُها مُندَفِعًا فأجابتني :

- أنت جريءٌ كعادة الشعراءِ ، و فيمَ تريدُني ؟

- سأخبرُكِ ، تعالي للمقهى المجاور ، أفضل من هنا .

ردَّت بتردُّدٍ :

- و هو كذلك ، تعالَ ،، استأذن منهم فقط .

رحنا للمقهى الذي بالشارع المجاور و أنا تائه بين أفكاري ،
لا أدركُ ما سأقول لها ،
ولا أعرف كيف واتتني الجرأةُ لأجترَّها هكذا من بينهم ،
و ليس يجمعُنِي بها سابقُ تعارف ؟
ليس بيننا سوى هاتين الساعتين من الحديث و الضحك !

- دنيا .. أنا أحبكِ .

- نعم ؟

- أحبكِ .

تعكَّرت ملامحُها الباسمةُ ، وضعت رأسَها على كفِّها الأيسرِ ،
و ظلَّت تحرِّك أصابعَ يُمناها بين الانقباض و الانبساط في عصبيةٍ
 كأنها استُغرِقت في التفكير ففقدت السيطرةَ على حواسِّها .

- "أنا لا أفهمُ شيئًا حقًّا" . قالتها باستغراب و عصبية !

- أي شيءٍ لا تفهمين ؟

- كيف لي أن أشردَ لأحلم بكَ بعد لحظات من رؤيتكَ ثم لا تمرُّ ساعاتٌ
و أجدكَ أنت تفاتحني في موضوع حبكَ لي ؟
أليس ذلك عجيبًا يشبه حكاياتِ جدتي عن الشاطرِ حسن ؟

قلتُ لها مبتسمًا زاهيًا :
كان يجب عليها أن تحكي لك عن الشاعر خالد و ليس الشاطر حسن .  

ثم ضحكتُ ضحكةً خرجت من القلب
الذي كاد أن يخرج من مكانه ليطيرَ و يرقصَ فرحًا بكلامها ،،
هي أيضا أعجبت بي .. بل أحبتني ،،

كذلك قالت بالضبط .

3

- أنا لا أقبلُ أن يكونَ لي شريكٌ فيك يا دنيا .

- ألن ننتهي من أوهامِكَ هذه يا خالد ؟

- لماذا كلُّ هذا الحرص على صداقة جاسر وعبدون إذن ؟

- قلت لك ألفَ مرة إنَّ جاسرَ صديقي لا أكثر ولا أقل ،
كُـنَّا في علاقة حب و لم تتم ، لم يعد بيننا غير الصداقة ،
و عبدون صديقك في الأصل ، لكنه معجبٌ جدًّا بكتاباتي ،
مثله مثل غيره ،
هذا كلُّ ما يجمعنا ، كفَّ عن الشكِّ .. شكُّكَ يخنقني يا خالد .

- هل عليَّ أن أعيدَ عليكِ الإجابةَ نفسَها ؟

و ليكن ، سأعيدُها :

يا مولاتي ، فرقٌ كبيرٌ بين الغيرةِ و بين الشَّكِّ ،
ثم إنَّ من حقي أن أرفضَ صداقتك بشخص كان في يوم من الأيام حبيبًا لكِ
يُـردِّدُ على أذنك كلمات العشق و يترقق وهو يمسك بيديك ..
والله أعلم بما هو أكبر من ذلك !

و عبدون هو الآخر الذي يجهد نفسه
ليخفي رغبته الواضحة في الدخول في علاقة معك ،
أقرأ كلَّ يوم كلامًا غريبًا في عينيه ولا أجد إلا الصبر ألوذ ب
ه لكي لا أفقدكما ، و أنتِ لا تبالين بي !

- لا تلمه ، فقط لم نفسك أيها الشَّكاك .

قالتها دون أن تلتفت لما أصابني من أسى لكونها لا تراعي مشاعري ،
حتى و إن كنت مخطئًا فأنا حبيبها ،
لابد أن تخرجني من الأسى ، لا أن تزيده بتجاهلها لآلامي !

على هذا النحو مضت الشهور وهما يُعذَّبان ،
تحتاج هي - كأديبة شابة -للمعجبينَ و المعجباتِ
الذين يشترونَ مجموعتَها القصصيةَ الأولى
و يلتفُّونَ حولها ليحققوا لها الزهوَ الذي ترجوه .

و هو مُغرِق التفكير دائمًا في تصرُّفاتها المنفتحة أكثر من اللازم ،
صحيح هو مؤيِّد للحريات جميعًا
و لا يترك مناسبةً إلا دافع عن حقوق المرأة و دعا للحريات العَقَدِية والجنسية
إلا أنه كان دائما يقول لنفسه :

" إن لكل حرية حدودًا ؛ فليس من حقها بالطبع إن اختارت واحدًا تحبه 
و اختارها لتكون شريكته أن تخونه مع آخرين بدعوى الحرية " .

4

كان مُرهقًا ، تملَّكَهُ التعبُ ، لم يستطع النومَ ، كان قلبه يخفق و يضطرب
و عقله لا يتوقف عن التفكير المتوالي المتتابع السريع المـُرهِق ،
تمرُّ الصورُ أمامَ عينيه فينكرها ، يالك من شيطان لعين
تعبث بي لتغيرني تجاهها ! بالطبع هي تستعدُّ الآن ليوم عيد ميلادي ،،
تـُرى ما ستكون هديتُها لي في أولِ عيدِ ميلادٍ لي معها ؟

أيُّ شيء سيرضيني فعلاً .. يكفي أنها ستأتي بنفسها لتحتفل معي به ..
سنعيش أسبوعَ عسل لا مثيلَ له ،
سيقنعها ذلك الأسبوعُ بالعدولِ عمَّا هي فيه ،
ستوقِفُ أيَّ شخص يحاولُ التقربَ إليها فورًا ،
لن تحتاج لمعجبين غيري بعد هذا الأسبوع .

لماذا إذًا تـُخيِّـلُ إلـيَّ أيها اللعينُ أنها تخونني ؟
أليس من الظلم أن أفترضَ شيئًا لا دليل عليه ؟
أنا أدرك جيدًا أنها صارت ذات شهرة وصيت بين أدباء الجيل ،
هذا يسعدني جدًّا و لا حلاوة دونَ نار كما يقولون ،
فما دام نجاحُها يسعدُني فلِمَ لا أقبلُ حتميةَ أن لها معجبين
من الرجال و النساء على حد سواء ؟

نفدت سجائري ، أووه هل دخنتُ العلبتينِ حقًّا ؟؟
حسنًا ، في داهية .

(خرج ليشتري سجائره فأدركَ أن الشمسَ كادت تتوسط السماءَ ،
كان يظنُّ السماءَ مظلمةً الآن ! )

- دنيا ! صباح الخير يا حبيبتي .

- صباح الحب يا حبيبي ، مال صوتك ؟

- فقط مرهَق من قلة النوم ،
لا تقلقي سأشتري علبتَيْ سجائر و أعود لأنام و أستيقظ بحال أفضل .

- وما الذي سهَّرك ؟

- أنتِ يا حبيبتي .

- أنا ؟

- أفكِّر فيك يا حبيبتي ، ليس يشغلني إلا حبكِ والتفكير فيكِ ،
ليتكِ لا تنتظرينَ للغد ، تعالي اليوم .

- حبيبي أنا أستعجل قدومي أكثرَ منك ، أوحشتني بشدَّة ،
لا أدري كيف صار حبكَ يملكني هكذا !

- معقول ؟ أتقولين ما أسمعه أم الجوعان يحلم بسوق العيش ؟

ضحكت و قالت :

- لا يا جوعان ، أقول لك فعلاً : أنا أحبكَ ،
و لا أدري كيف سيطر عليَّ حبُّكَ هكذا ،، صِرتُ مجنونةً بكَ !

كان لسانه يستعدُّ لتلقينها درسًا في النكد بقوله : منذ متى ؟؟؟ 

إلا أنه سيطر عليه و لم يـُرِد إفسادَ لحظاتِ السعادةِ والنشوةِ بكلماتِ النَّكَدِ .

- حبيبتي ربنا يخليكِ لي ، و لا يحرمني منك .

- هيا ، نم ، صوتك مرهَقٌ جدًّا ،، سلام يا حبيبي ،
اتصل بي لما تستيقظ .

- طيب ، أحبكِ ، أحبكِ ، أحبكِ ،، سلام .

- أحبكَ ، أحبكَ ، أحبكَ .

وهبته قبلةً أنهت بها الاتصال ،
و تركته يراجع كلَّ الأفكارِ التي عذَّبته طوالَ الليل ،
صورتها وهي تخونه ، استسلامها لشريكها المجهول لديه ،
ماذا لو دخلَ عليها الغرفة و وجدَها معه ؟ هل فكَّرت في ذلكَ ؟

لماذا كل هذا التفكير في أنها ستخونني ؟؟
أَ لأَنـَّها صارحتني بأني غير مثيرٍ لها ؟

أَ لأَنـَّها تحبُّ الجسدَ الذي يشبه جسدَ جاسر ؟؟
لستُ أشبهه ، و ليسَ وسيمًا ، و جسدُه ليس مثيرًا أصلاً ،،
ذوقها زِفت ! أيعجبها هذا القذر و لا أعجبها أنا ،
أنا الذي داخت الجميلاتُ -اللاتي يفوق جمالُ أقلهنَّ جمالاً مئةَ دنيا مثلها-
تَوقًا لإقامة علاقة معي ، و أنا لا أهتم !

سُبحان الله !

كفى ، أستترك نفسكَ لهذا التفكير يقضي عليك ؟؟

كانت السجائر تُشبِعُ شيئًا بداخلي ،
تشعلُ شيئًا ، تطفئ شيئًا ، كانت متصرِّفةً بكياني كله ،
كان احتياجي لها مختلفَ الطبيعةِ ، ليس كما اعتدته ، ليس أثرها كما كان !

كل شيء مختلف ، لونُ السماءِ مخطوفٌ كأنَّ قابيلَ فرغَ لتوِّه من قتلِ أخيه ،
و هي مفزوعة مما ترى ، حركة الناس متوتِّرةٌ مُرتبكةٌ ،
كأنهم شاهدوا القتل و يُخفونَ ذلكَ ، يُثرثِرونَ فيما بينهم 
بما لم أفهم منه جُملةً واحدةً ، يسيرونَ ببطءٍ و بسرعة ،
و أكادُ أرى بعضَهم يسيرُ للوراء ! 

صوت تأوهاتها معه لا يفارقُ أذني و كأنـَّها خلفيةٌ موسيقيةٌ لمشهدِ الحياة !

" سنتين و أنا أحايل فيك و دموع العين تناديك يا سبب تعذيبِي و الاسم حبيبي "

أجلسُ على الرصيف أدخنُ بجنونٍ ،
الناسُ ينظرونَ لي باستغرابٍ ، لا عليكَ ،
هكذا حالُ الشعراءِ في أعينِ الناسِ ، و لكنْ ،
لماذا تغمُرني بكلِّ هذا الحب ؟ لا يفعلُ ذلكَ إلا من أخطأ في حقِّ حبيبه ،
الرجلُ الطبيعيُّ لا يتغزَّل بجمالِ زوجته – التي لا يعجبه شكلها أصلاً – إلا أنه
يفعلُ ذلكَ بكثافة عند خيانتها ، و يزيد في الهدايا ليُسكِتَ ضميرَه و يخمدَه ،
أليس كذلك ؟
*********** 
انتظروا بقية الأجزاء قريبا بإذن الله 
آدم الدرعمي ( أحمد سعيد )


عيد ميلادنا


اليوم عيد ميلاد قريني و حبيبي و أخي الأكبر و صديق عمري 

آدم  

كل عام و أنت بخير يا أحب الناس لقلبي  

أهديك أغنية عرفتني بها منذ كان عمري 17 عاما  

أسمعها دوما فأذكرك 

لو تعرفوا بنحبكم و نعزكم كده أد إيه 

لتقدروا حتى التراب اللي بنمشي لكم عليه  

لأصالة 

كل عيد ميلاد و أنت طيب  

و أنت صديقي و أخي و حبيبي 

ليتك كنت هنا فأحتفل معك  بميلادك  

و أردد عليك 

كل عام و أنت حبيبتي لنزار قباني  

أسأل الله أن ييسر لك الحال 

و يوفقك لكل خير و يهدئ بالك

و يصلح حالك 

كل عام و أنت بخير  

آدم .. قصة


على صدرِها رميتُ رأسيَ المشتعل .. أوقده الفكرُ وفشلتُ في إطفائه ..


برُدَ الجسمُ قدرَ حرارةِ الرأسِ .جسمُها دافئٌ كما اعتدتُه

هي :

- ما لك يا آدم ؟ ،، قالتها وعينُها ذاهلةٌ

- تعبان ؟

لم أجد ردًّا ،


سقطت دموعي مُستَجدِيَةً حنانًا أكثرَ علَّها تضمني أكثر 


علَّ دِفئها ينتقلُ لجسدي الهزيل


،، بكت معي لا لتشاركني الحالةَ وإنما لأنها أشفقت عليَّ 


ربما لم تتخيل انهياري يومًا ،،

لا ،

كان إشفاقُها على نفسها


كيف لي أن أُكِـنَّ كلَّ هذا الحبِّ لغيرها وهي التي لا ترجو من دُنياها غيرَ ابتسامتي !

لم يُوقِف بكاؤها بكائي ؛ طمأنني أنِّي لن أكونَ وحيدًا .

نحيبـي كادَ يعلو فيسمعه المارَّةُ في الشارع .

تحتَ البطانية اعتلتني ولم تَدَع دمعةً عليَّ غير دمعاتها الهاطلة


( عاشت حالةً من الوَجْدِ رائعةً )


مولاي إنـي ببابك قد بسطتُ يـدي ..


كان جسمي طائعًا قابلاً لدفقاتِ الحرارةِ ، زالَ البردُ منه بينما الرأسُ عصا ! 




***


جلستُ في المطعم غيرَ راغبٍ في ردِّ تحيَّةِ الشاب السائلِ عن غيابي في الفترة الأخيرة


- هات لي قهوة

مُنكَّسَ الرأسِ سارَ ، والإحراجُ بادٍ عليه ..تأخَّرَتْ ساعةً ،، جاءت مُمسِكَةً يدَهُ .

من خلال الزجاج استطعتُ تحديدَ ملامِحِه ، كان وسيمًا حَسَنَ الهيئةِ ،، تشابكت أصابعُهما ..

برلنت : أهلاً ، 

قالتها مادَّةً يدَها اليُمنى مُصِرَّةً على تشابُكِ يُسراها بيُمناه .

لا أدري بالتحديد متى أفَقْتُ وسلَّمتُ عليهما .. ربما لم أُسَلِّم عليه

كُنتُ مَشدُودًا لِقَصَّةِ شَعرِها الجديدةِ و فُستانِها السَّماويِّ .

ملامِحُه لا تحملُ من الرُّجُـولةِ قدرَ ما تحملُ من الأنوثةِ حتى إني كنتُ مُثارًا نحوه 

قَطَعَت برلنت خيالي : طَـلَـبْتَ مُقابلتـي ، وحَضَرْتُ ، احكِ ما تُريد ؟

لَحِظَتْ ثباتَ عيني عليه 

فقالت : إساف صديقي .

هززتُ رأسي مُبتَسِمًا ، 

قلتُ :

- ولِمَ جئتَ يا إساف ؟

ردَّت بعصبيَّةٍ :

- كان عندي ولما عرف أني خارجة أصرَّ أن يوصلني .

أيَّدَ كلامَها بصوتِه الرقيق :

- صحيح .

سقطَ نظري على الطاولةِ فتَحرَّجَ

- إذا أردت أن تكونا على انفراد ممكنٌ أن أمشي ، ولما تتصلوا بـي آتـي । 



***


هي : متى سأراكَ ؟

- لا أعرفُ .

قلتُها وسِرتُ هائمًا وقد غيَّبَ السُّـكْـرُ عقلي وسيَّارتي

وقفتُ تحتَ بيتها مُتأمِّلاً حولي مستوضحًا مكانَ السيَّارةِ

( يمكن أنا مش هِـيِّ البنت اللي مفكر فِـيَّ بس إنـِّي رح فِـلّ رح تتندَّم عَـلَـيِّ

ويا سلام على بكرة يا سلام يا سلام من هلَّأ يا سلام ) ( رنة المحمول بصوت فيروز )

هي : ألو ، لِمَ تركتَ سيارتَك ؟

- لا أجدُها

هي ( باكيةً ) : أنا نازلة أوصلك للبيت

وصلنا بيتي و لما صعدنا وحمَّمتني عاودَت ممارسةَ طقوسِها التدليكيةِ لجسدي المُنهَكِ

أخرجتُ قميصَ أولِ لقاءٍ و البنطالَ

لم أحتمل فرحتي حين ارتديتُهُما في لقائنا هذا ، 

كنتُ أجري في الغرفة لأرقصَ فوقَ السرير رقصتي الصوفيةَ

وأداعبَ ملامحي في المرآة وأجرح وجهي بماكينة الحلاقة


I feel you in every stone in every leaf of every tree that grown (*)


(*) أُحِسُّ بك في كُلِّ حجر وأُحِسُّ بك في كـُـلِّ ورقةِ شجرٍ زُرِعَتْ .


أخرجُ والعطرُ يُداعِبُ أنوفَ الجميع ، أجدُها في انتظاري مُبتسمةً رقيقةً ،، 


أصطحبُها إلى هنا إلى الطاولة نفسها ،، هذه آخرُ ليلةٍ أرى فيها حلمي الشنيعَ الذي أموتُ فيه ،،

أحلقُ سارحًا ، أجرحُ وجهي ، أبكي 


[ بودَّعك وبودَّع الدنيا معك ] ( برلنت تتصل )


آدم : ألو ، الساعة الخامسة بالتمام ، لن أتأخر ، برلنت فكّري قبل اتخاذ موقفك واذكري حبنا ...

أنهَتْ المكالمةَ بعدما ألقمتني حجرًا : ( لا تتأخر ، لا أحبُّ الانتظار ) .

لم أكد أغلق الخط حتَّى صرخت فيَّ :

هي :- " بردو هتروح ؟ " حرام عليك نفسك يا أخي


تُحِبُّنـي لكِـنِّي أخبرتُها أنِّي لستُ لها ،، 


رغم إنها سخَّرت حياتَها لي واصطفتنـي لأفُضَّ بكارتها دونَ غيري ممن تيَّمَهُم جمالُها ...

المشكلةُ الآن ليست في غضبها فهي تحبني ولن تقدرَ على بُعدي ،،

المشكلةُ في برلنت العنيدة حقًّا أرهقت عقلي ، كيف أقنعها بالتراجع عن قرارها هذا ؟

إخوة ؟؟ كيف ؟ لا يكون الحبيبُ أخًا كما أنَّ الأخ لا يصير حبيبًا ،، إمَّا أن تقتنع وإمَّا ... 



***
برلنت : لم أفهم ساعتَها معنى كلامِه

فهمتُ فقط أنه سيفعلُ شيئًا أندمُ أنا عليه لكن لم أكن أتصوَّر أنه ....

( علا صوتُ نحيـبها حتى أبكت الرقيقَ )

إساف : وماذا بعد ؟؟

برلنت : لا شيء ، عندما أتاني خبرُ انتحاره أسرعتُ إلى مستشفاه فإذا به في حالة ميئوس من علاجها

قالي لي طبيبُه ذلك ، ظلَّ ساعاتٍ بين الموت والحياة ،،

كان جسدُه قد احترق بما لم يدع للطبيب فرصةً لعلاجه ،، 

أفرغ زجاجات الفودكا على جسده العاري في الحمام فلما رجعت صاحبته التي نقلته للمستشفى 

وجدته يصرخ وجِلدُه يتساقط على الأرضِ ،، اتصلت بالطبيب فأرسل لها سيارة مُجهَّزَةً

إساف : ومن اتصل بكِ ؟

برلنت : هو قال لها أن تتصل بي ، وعندما وصلتُ كان قد قَرُبَ قضاؤه ، 

منعَه الطبيبُ من الكلام إلا أنه أصرَّ أن يحدِّثني فدخلتُ إليه ...

( تبكي ويبكي شابُّها الرقيق )

إساف : لا تحزني حبيبتي أنا معك ، ألم تخبريني من قبل أننا سنكمل حياتنا معًا ؟؟ 

برلنت : نعم ، سنكمل حياتنا معًا ،، لم يعد لي في هذه الدنيا سواك

إساف : إذن دعكِ من حزنك ولنستمتع بحياتنا .. الحزنُ لا يُرجِعُ الموتى .

برلنت : كلِّم بابا في الإسراع بإتمام الزواج .

إساف : صحيح يا حبيبتي ؟

برلنت : صحيح .

تمسح دموعَها وتدخلُ حمامَ المطعمِ لتغسلَ وجهَها وتصلحَ مكياجَها ، تخرجُ مبتسمةً

( حاولت رسمَ هذه البسمةِ بصعوبةٍ على ما يبدو ) 



***


هي : لا ، لن أبكي لأجلكَ .. وقوفي هنا لأشمت فيك .. عليكَ أن تغورَ إلى جهنم أيها الحيوانُ


الآن بعدَما تركتني وحدي أُعاني ،، كنتُ قد اكتفيتُ بوجودِك معي وإن كنتُ أعلمُ أن قلبكَ لها


كنتُ أعلمُ أنها لن تكملَ معك .. ومن يقبلُ بك شريكًا لحياته ؟كُنتَ دومًا فظًّا لا تأبه بمن تدوس على قلبه

لِمَ رضيتُ بك ؟

لا تسأل ، ليس من حقك أن تسألني لأنك لم تهتم يومًا أن تعرفَ لِمَ أهتمُّ بكَ أنا انتهيتُ ،، 

دمَّرتُ نفسي وضيَّعتَني

خذ قماشتك هذه لعلَّها تزيد عذابَك ،، هذه التي تحمل بكارَتي وإجرامَك

سأعيشُ لنفسي .. أعدُك أنِّي لن أحبَّ بعدَ اليوم

وبعد أشهر

عُدتُ للعمل بالصحافة ؛ ما عاد يُجدي الحزنُ على مثلِه ،، 

أشعرُ براحة أكثرَ هذه الأيام بعدما وجدتُ من يُعجب بما أكتبُ ، 

ربما هو معجبٌ بـي لا بمقالاتـي وقصصي ولكن لا ضيرَ مادامَ عارفًا بماضِـيَّ ، 

صحيحٌ أنـِّي مكروهةٌ من هؤلاءِ المتأسلمين 

لكنه مازال يتقربُ مِنِّي بعدما أعلنتُ أنـِّي لا أحتاجُ للغشاء الواهي لأكونَ جديرةً بمن أحب ،

مرتاحة له ؟ ليس سيئًا ، على الأقل هو مُقبلٌ عليَّ ويدافعُ عنِّي في برنامجه الإذاعيِّ ... 


***
برلنت : إساف ، لِمَ تأخرتَ اليومَ ؟

إساف : لا شيء ، كنتُ على وشك المجيء 

فأصرَّ صحفيُّ أن يُسَجِّلَ معي حوارًا عن المعرض الجديد الذي أقيمه في الساقية

برلنت : و نسيتَ أنـِّي أنتظرُكَ أنا والأولاد .. اليومَ عيدُ ميلاد برلنت الصغيرة يا فنان

إساف : حبيبتي لم أنسَ .. وهذه هديتُها .. ثمَّ إنـِّي لم أتأخَّر كثيرًا .

برلنت : الله .. جميلة .

إساف : ذوق فنان طبعًا 


( وفي الليل كانا و بنتهما و طفلهما ذو السنتين على طاولتهما المفضلة في ذاتِ المطعم

فقدَّم السلسلةَ الذهبيةَ لطفلته وقبَّلها وأعطى الخاتمَ الألماسيَّ لأمِّها و قبَّلَ يدَها 

فدمعت عيناها شاكرةً ذوقَه الرفيعَ ) 



***


- حسام ،، أنا حيرانة ... دعني أفكِّر وفكِّر أنت ثانيةً ،، أنت تعرف عن علاقتي السابقة ...


حسام : أعرفُ كلَّ شيء ، وأحبُّكِ .. و لن أخرجَ من هنا إلا إلى المأذون ...


طار قلبـي .. أمسكتُ يدَه وطِرنا إلى المأذون


***


آدم : 

هل لي من دقيقة قبل أن تدخلني هذا الحجيم ؟ 


كلُّهم سَعِدُوا إلا أنا ،، لِمَ ؟

لِمَ كلُّ الظروفِ تأتـي ضِدِّي ؟؟ 

ما كان ذنبـي معها ؟ لأنـِّي أردتُ أن أكونَ الرجل ؟

هل كان واجبًا عليَّ أن أخضعَ لأوامرها ؟؟

لا لم أخطئ ، لم أذنب ، هي الجانية هي القاتلة 

وما كان منِّي إذ رفضتُ حبَّ الأخرى ؟ ألم أخبرها أنِّي في علاقة حبٍّ ؟

لِمَ سلَّمت نفسَها لي ؟ لِمَ أتاحت لي بيتَها وجسدَها ؟

لستُ المذنبَ ،، وجودي هنا حرامٌ و ظلمٌ ..

أنا أعترضُ على منعي من الشراب و الرقص ،،

أعترض على تعذيبي ليلَ نهار كهؤلاء المعذَّبين أنا مثقفٌ محترمٌ 

ها أنت تُكمِلُ العذابَ والقمعَ .. 

يومَها قلتُ لك :

أنا لن أعيشَ بعدَما ألقت في وجهي خاتمي ، فإن كُنتَ ترى غيرَ ذلك فلتفعله 


ولكنكَ لم تمنعني من شُرب الفودكا ولا من إغراقِ جسدي بها 

وإشعالِ النارِ في روحي العاريةِ الممتلئةِ بالحـُبِّ ...


( أظلمَ المكانُ ولم أجد ردًّا غير سوط على ظهري يدفعني إلى النار ) 


صحت بكل قوتي : 

أنت ظالم يا رب


جبهة التصحيح


مُـفَـاجَـأَةُ جَـبْـهَـةِ الـتَّـصْـحِـيْـحِ



 لِـكُـلِّ الـكُـتـَّابِ وَ الـنَّـاشِـرِيْـنَ  



نُـقَـدِّمُ 



أَقـَلَّ سِـعـْرٍ للـتَّـصْحِـيْـحِ اللُغَـوِيِّ فِـيْ مِصْـرَ 



الآنَ وَ مَـعَ جَـبْـهَـةِ الـتـَّصْـحِـيْـحِ 


 يُـمْـكِـنُـكَ مُـرَاجَـعَـةُ كِـتَـابـَاتـِكَ لُـغَـوِيـًّـا بِـأَسْـعَـارٍ رَمْـزِيـَّةٍ 



لا مَـثِـيْـلَ لـَهـَا



الكَـلِـمَـةُ بِـقِـرْشٍ وَاحِـدٍ 



( 1 كلمة = 1 قرش )




كَـيْـفَ تَـعْـرِفُ عَـدَدَ الكَـلِـمَـاتِ ؟ 



تَـجِـدُ عَـدَدَ الكَـلِـمَـاتِ مَـكْـتُـوْبـًا 



أَسْـفَـلَ صَـفْـحَـةِ "الـوورد word" جِـهَـةَ الشِّـمَـالِ 


هذا عن ( word 2007 )  


أما عن ( word 2003 ) فيمكنك الضغط على tools 



 و منها نختارُ ( word count )  


ليظهر عدد الكلمات في الحال 




لِـلـتـَّوَاصُـلِ : 


Adam4lovers@gmail.com


0119510112



http://almosa7e7.blogspot.com/ 



تَشجيعًا للكُتـَّابِ و النـَّاشرينَ على الاهتمامِ بتوفيرِ الصِّحـَّةِ اللُغويـَّةِ 



للنـُّصُوصِ المكتوبةِ والمنشورةِ 



نقومُ بهذهِ الخِدمةِ بهذهِ الأسعارِ الرَّمزيـَّةِ البسيطةِ . 



ساهم أنت أيضا في الحفاظ على جمال اللغة 



ولو بالدعوة للانضمام للجبهة 



http://www.facebook.com/group.php?gid=40496308501 





  المصحح :  
أحمد سعيد


بس في الأخر عرفتك



هذه قصيدة عامية لصديقي الشاعر الجميل وقريني التدويني  آدم 


ألف حب


أنا عشت وياك ألف حب


ألف حلم


ومعاك قضيت احلي وقت


عمري ماكنت في يوم زهقت


عمري ماكنت في يوم اناني


عمري ماقلت خلاص طهقت


ولا قلت نفسي في حد تاني


ولا عمري عن حبك رجعت


واجي في الاخر تسيبني


وتقولي اصل انت اتخدعت


كنت يوم شاري وبعت


قال اصل قلبك مش في ايدك


وانت في حبي اتوجعت


بأه عت من الاول حسابك


واكتشفت


ان احنا مش ننفع لبعض


لأ يا شيخ


حاول تخلق عذر تاني


قول عليا اني اناني


قول بحس بحد تاني


اتخدعت


جاي بتقولي اتخدعت


جاي بتقول انت فقت


ياه ياه


جاي بتقولي احسن انسي


كل حاجه بنا حلوه


كل لحظه وكل غنوه


لأ يا شيخ


الف بركه ان انت بعت


الف بركه اني عرفت


بس متأخر شويه


مش مهم


المهم


الف بركه


الف بركه


اوعي تكون فاكرني مش زعلان


انا زعلان عليك


اصل انت يا خايب بخيبتك


ضيعت قلب من اديك


مش راح تلاقي زيوا تاني


يبيع الدنيا ويشتريك


اوعي تكون فاكرني هاخسر اي حاجه


لما تقولي انا مش شاريك


رغم اني بعت الدنيا ديا


علشان خاطر اشتريك


وكنت علي استعداد اكنلك


واوهب كل حياتي ليك


لأ ياشاطر


لأ ياشاطر


ان كنت يوم بموت في حبك


بموت في نظره من عنيك


بس خلاص ايام وعدت


كل حاجه راحت معاك


وانتهت علاقتي بيك


مش بحسك


مش بحبك


مش عاوز اشوف عنيك


امشي شوفلك حد تاني


ترسم الدور أه عليه


بس في الاخر هاقلك


خلي بالك


مش هتلاقي حد اهبل زي تاني


مش هتلاقي حد تاني يحس بيك


انت بعت واللي باع يخسر كتير


واللي كسبان هو انا


اني في الاخر عرفتك


اني في الاخر عرفتك


اني في الاخر عرفتك


يا انا منك


ياه من غدرك وكدبك


ياه من ظلمك لنفسك


حتي نفسك


عيش وزيف من حقيقتك


خلي كلوا يجيب في سيرتك


اللي زيك مش هايرجع


غاوي يجرح


غاوي يقتل في القلوب


والقلوب حوليه بتصرخ


عارف ان الغلطه هي


اني رغمي اني عاشرتك ولا يوم فهمتك


بس في الاخر عرفتك


بس في الاخر عرفتك

الهجرة .. قصة قصيرة




بعد عام من نشر هذه القصة



لا أجد ما أعبر به عن حبي لها



الهجرة كانت هجرة حقيقية



هجرة من اللا حب إلى الحب



من اللا عشق إلى العشق



من اللا إبداع إلى الإبداع



من اللا شيء إلى كل شيء



تحولت حياتي تحولا جذريا بعد قصة الهجرة



عرفت أناسا على حقيقتهم



عرفت نفسي على حقيقتها



الهجرة لا علاقة لها بهجرة النبي عليه السلام



الهجرة نوع من الهروب والانتقال و التحول



أطلت الحديث و أحب أن أترككم مع الهجرة



فقط أود أن أشير إلى ضعف بنية القصة



وأعتذر إليكم بكونها أول قصة لي



بعد مرحلة من الهذيان الأدبي


الـهـجـرة
=========




كانا في ليلتِـهما الغبراءِ هاربيـْـن تائِـهيـْـن خائِـفـيـْـن



غريبيـْـن عن ذلكَ المكان الذي فــَــرَّا إليهِ ،



كانَ مُـظلمًا رغمَ كلِّ المَصَابيح التي أحاطتهُـما



كانَ ضيـِّـقــًا صعبـًا مليئـًا بالحفر ،



وإن بَـدَا مُـمَـهـَّـدًا واسعـًا لغيرهما ،



فرَّا ليكونا بعيديـْن عن أعين الناس



الذين أكملوا معهـُـما رحلتــَهُـما فما فارقوهما



إلا أنـَّهما استطاعا اختطافَ قــُـبلةٍ



على حين غفلةٍ من هذا الكون ومن فيه ،،



في وسطِ الطريق ارتشفا رحيقَ بعضهما واستدارا راجعين



لمَّا رأوا ذلكَ الكهلَ الجالسَ على كـُـرسِــيِّهِ العتيق ينظرُ إليهما ،



غلبَهـُـما الحياءُ واختـَـلطتْ مشاعرُ الخوفِ والحبِّ والاحتياج والعنادِ



ونفادِ الصبر على هذه الظروفِ



التي حالتْ بينهـُـما وبينَ عشًّ صغير ٍ



يجمعهـُـما يحميهـُـما من نظراتِ الرجل الكهل



ومن أعين الشابِّ الذي قدَّمَ إليهـِـما القهوةَ على المقهى ،



عـُــشٍّ يستطيعان فيهِ ممارسة َ الاقترابِ بغير رهبةٍ ولا تلفــُّـتٍ ،



يستطيعان فيهِ مُـمارسة َ تأمـُّـل ملامحهما دونَ ذعر



يستطيعان فيه خلعَ أقنعتهـِـما التي اعتادا ارتداءَها



لإخفاءِ ضعـفِـهما وخوفِـهـِـما وقـلقـِـهـِـما



واحتياجـِـهـِـما للحـُـنـُـوِّ والعطفِ والضَّـــمّ





دَخلا في غاريْــهـِـما بعدَ فــَـقــْــدِ الأمل في الوصول



إلى ذلكَ العـُـشِّ في هذا التـَّـوقـيتِ وفي هذهِ الظروفِ

قـالت : لا تحزن إنَّ الحبَّ معنا

قال : لـئِـن لمْ يهدنِـي حـُـبـِّـي



لأكـُـونـَـنَّ مِـنَ القـوْم النـَّـاقــِـمِـينَ المـُـنتـَـقِــمـِــيـنَ

قالت : ما بالك باثنين الحب جامعهما ؟؟

قال : لا يــُـهزمان

قالت : فأبشر خيرًا



إنهم قريبونَ ، ما بيننا وبينهم خطواتٌ



ولكنه العنكبوتُ



الذي نسجَ على أعينِـهم خيوطــَـه فأعماهم عنــَّـا



ولو رَأوْنــَـا لقـتـلونا

قال : علمتُ بأنَّ حـُـبــِّـي بيدِكِ أنتِ فاطمأنَّ قلبي

قالت : علمتُ بأنَّ قلبي لن يأخذهُ غيرُكَ



فأقـسمتُ ألا أضيـِّـعَ عليَّ لحظة دونَ حـُـبـِّـكَ



علمتُ أنَّ جسدِي لن يمَسَّـهُ غيرُكَ



فأقـسمتُ ألا يراهُ غيرُكَ



علمتُ أنَّ الناسَ قد اجتمعوا على ألا نجتمعَ

فأقـسمتُ أنـَّـا لن نفتــَـرقَ أبدًا



علمتُ أنــَّـكَ تحتاجـُـني الآن كما أحتاجـُـكَ



فأقـسمتُ أن أشبعـَـكَ حـُـبـًّـا فلـيـطـمـئـِــن قـلـبــُـكَ



فلا تحزن

في البدء كان الله



كان الله ولم يكن قبله أحد ولم يكن معه أحد ، وحين خلق القلم قال له اكتب

 فكتب ما أراد الله ، ثم خلق من نور ملائكة ومن نار الجنَّ 

وعاش الملائكة في طاعة و عاش الجانُّ في عصيان حتى إذا اصطفى عزازيل 

وقضى على كل الجن وقرَّب عزازيل لطاعته وعبادته غير المنقطعة ، 

خلق من الطين آدم ، وكان وسيما أسمر البشرة على خلاف الملائكة البيض  

و عزازيل صاحب الوجه المحمر الذي ظلت الملائكة تغبطه عليه  

فهو احمرار الخجل من التقصير في رأيهم . 


 ولمَّا اكتمل خلق هذا الـ آدم وظلَّ جسدا مجوَّفا فارغا كان عزازيل يقف أمامه

مسبحا الله القادر على الخلق وحده ، أطال البكاء أمامه كثيرا

مقدرا عظمة ربه وحبيبه ، أخذ يطوف حوله ، يتلمسه ، يدخله و يخرج منه 

ليعاين بديع صنع ربه ، حتى أتت ساعة نفخ الروح فيه ، 

وقف عزازيل والملائكة ليشاهدوا تلك اللحظة المُذهِلة ! 


فلما نفخت فيه الروح انتفض آدم وعطس و ملأ عينيه من نور وجه خالقه 

 فقال : الحمد لله ، 

ردَّ الله سبحانه : يرحمك الله يا عبدي


اتسعت عينا عزازيل طولا و عرضا ، تشابكت شفاهه ، يبحث عن كلمة 

يصف بها ما يداخله من مشاعر وأفكار لا يجد ، كيف ؟ 


كيف ينطق أول ما ينطق بحمد الله ! كيف يحدثه أول ما يحدثه بوعده بالرحمة !

لماذا دعانا لنشهد هذا الاحتفال بهذا الـ آدم ؟ 

لم يفعل ذلك معي ولا مع غيري من هؤلاء المندهشين . 


" إن لهذا المخلوق شأن يغلب شأن عزازيل ،

و سينال رعاية تفوق رعاية عزازيل المدلل " 

سمعها من ملك يحادث آخر خلفه ، فالتفت مبرِّقا لهما ،

متنازلا عن زهد عينيه و ذلهما الدائم لجبروت ربه و قدرته ! 


أعاده الصوت عما فكر فيه من شر لهما ، شدَّه صوت ربه القائل : 


" اسْجُدُوا لِآدَمَ "

صدمه الأمر و سمَّره في مكانه لم يستطع حراكا ، كاد عقله ينفجر ،

كلامهم صحيح إذًا ! 


أسجد لمن ؟ أي حلم لعين هذا ؟ ليتني أفيق الآن قبل الجنون !


كان الملأ كله ساجدا و عزازيل غارق في التفكير ، غير مدرك ، غير مستوعب ،

لا يرى الملائكة السجود ، لا يعرف كم من الوقت مرَّ منذ قال الله

" اسْجُدُوا لِآدَمَ "

أتته الصدمة المربكة الثانية حين قال له :

" يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ " ؟ 


إبليس ؟

لا أعرف هنا شخصا يُدعى " إبليس " 


 يتلفت حوله لينظر من هذا المُهان ! كلهم سجود 
 ليس من أحد غيري واقف مختلف

 أيقصدني أنا ؟ معقول ؟ 

يرجع ببصره فإذا بآدم ذاهلٌ ، مستغربٌ ما يحدث ، خائفٌ ،

لا يعرف ما يقول ،

أيطلب العفو عن هذا الواقف المتكبر صاحب العين الممتلئة بالشر ! 


أهو بحاجة لدفاع ؟ إنه صاحب الأجنحة الأكثر و الأزهى و الثياب الأرقى ،

لابد هو أعلى هؤلاء مرتبة وقربا ، و لكن ، لماذا يعصى ربنا إذًا ؟ 

علَّه ينطق الآن ويدافع عن نفسه ، أنا لا أحتاج لسجوده ،

لكن ليته يسجد و ينهي هذه المشكلة ،

لا أريد أن أكون سببا في غضب الله على أحد . 


ما زال السؤال يتردد  " مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ " ؟


ترى ما يكون قولي ؟ بم أعتذر ؟ وهل أصلا عليَّ أن أعتذر ؟

أنا لم أخطئ فأنا لا أسجد إلا لله ، هكذا خلقت ،

ثم إنَّ هذا المخلوق الحقير أقل مني ومن الملائكة ،

فإذا كان لم يأمرني بالسجود للملائكة و هم أدنى مني وأعلى من هذا الحقير ،

ولم يأمر الملائكة بالسجود لي و أنا أعلى منهم ومن هذا الحقير

فكيف يأمرني بالسجود لمن هو أقل مني ؟


" أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ "

 انطلقت الإجابة من عزازيل ، و العند و الغضب قد ملآه 


فقاطع روبرتُ العجوزَ سائلاً : عنده حق ، لِمَ يسجد له ؟ 


ردَّ العجوز مبتسما : يا غلام إن الله اختبر طاعة عزازيل و الملائكة ،

فصدقوا وكذب عزازيل .


روبرت : و لكنه استخدم حقه في التفكير ،

عزازيل هذا أول العقلانيين و سيدهم و أجرأهم .


تعالت ضحكة العجوز وقال : أي عقلانية هذه ؟

الله قال له اسجد ، كان لابد أن يسجد ،

العقلانية تقتضي أن يسجد لأنه إذا كان موقنا أن الله لن يأمره بخطأ ،

فليس من داع للعصيان ، أيضا كان بوسعه أن يسجد ثم يسأل الله ،

لم يا رب أسجدتني له ؟

ولو سأل ، والسؤال باب العلم الأوسع ، لعرف وفهم .



الصباح رباح .. قصة



1990

كانت تـتحسَّـسُ الفراشَ والحائطَ والشُّـبَّاكَ ، تـتلمَّسُ حرارةَ النهارِ ،،


ما زالَ أمامَها وقتٌ طويلٌ من الانتظارِ ،، والجوعُ يلوي أمعاءَها ،


والمللُ يأخذُها لعالمٍ جحيميٍّ لا يختلفُ كثيرًا عن عالمِها الأسودِ مُنعَدِمِ الملامحِ !



- يا سمير ،، يا سمير


صوتً الملاعقِ المتصادمةِ معَ الأطباقِ يـُذكي إحساسَها بالجوعِ



- يا سمير يا بني أنا " جعانة " شُـف لو فيه أكل أو اطلع هات لي آكـل



تستاءُ زوجـتُـه من صوتِ أمهِ الذي قطعَ حديثَـهما الساخنَ معَ الأكلِ الساخنِ ،


و تـُضَـيِّقُ لـَهُ عينيها قائلةً بصوتٍ يخرجُ من بينِ أضراسِها حاملاً سخطًا عنيفًا :


- قـُل لها الصباح رباح خلِّها تنخمد



دمعاتُ الأمِّ تَـلَـتْ طرقَ كلماتِ الزوجةِ لأذُنِها وعقلِها وماضيها المتناثرِ حولـَها

سمير : نامي يا أمي الصباح رباح دعينا ننام و في الصباحِ نأتيكِ بالأكلِ



الفجر قرب أن يطلع


1955

في هدوءٍ يدخلُ البيتَ ،


وجهُه لا يحملُ سوى الكآبةِ والحزنِ والانكسارِ ،


عينـُه لا يبدو منها غير دمعاتٍ متراكمةٍ و شعورٍ بقلـَّةِ الحيلةِ



- ما لك يا حسن ؟



- لا شيءَ ، لم أجد عملاً ،، هذهِ القروشُ هي كلُّ ما استلفتُـه من ابنِ عمي ،


الله يرحمك يا غبريال أفندي ؛ كُنـَّا مستورين أيامَك ،


أيامَ كُنتُ أعملُ في متجرِكَ كانَ الرزقُ واسعًا ،،


منذُ مُتَّ و نحنُ لا نجدُ قوتَ يومِنـَا بعدَما باعَ أبناؤكَ المتجرَ وسافروا


حتى دونَ أن يعطونا مكافأةَ نهايـةِ الخدمـةِ ،


من يومِها و أبوابُ الرزقِ مسدودةٌ أمامي



- لا تـُهلـِكْ نفسَكَ حزنـًا يا حبيبي بإذنِ اللهِ ستجد عملاً غيرَه و تسدِّد ديونـَكَ كُـلـَّها


و سنُدخِـل سميرَ المدرسةَ وسـيُعطيكَ اللهُ العُمرَ حـتَّى تراهُ رجلاً يافعا جميلاً مثلك ،


و نستريح نحنُ ، سينفقُ علينا وسنفرُغُ لبعضِـنا ولأولادِه ،


هيا يا حبيـبي أشبِـعنِي بابتسامَتِكَ التِي أوقعتَنِي بها يا زينة الرجال ، هيَّا



" لا يسعه إلا أن يحضنَها ويبكي مُقَـبِّلاً يدَها "



يصرخُ الطفلُ فيقطعُ قُبلةً طالت


- هيَّا يا حسن الولدُ جائعٌ ، اخرج هات له اللبن والبسكويت



- و نحنُ ماذا سنأكــُـلُ ؟



- إن تبقى معَكَ شيءٌ فهات لنا رغيفينِ و "طعميتين" ،

المهم هو يأكل ولا ينام جوعانــًا



و قُبَيْلَ الفجرِ يُعيدُ الطفلُ على آذانهما لحنَ صُراخِه ،


ينتفضانِ وتُسرِعُ إلى حملِهِ فإذا به مُحمَرُّ الوجهِ ساخنٌ ، حرارتُه مرتفعة ।



- الولد ساخن جدًّا يا حسن أنا خائفة عليه .


- والعمل ؟



- نروح به لدكتور


- و من أينَ لنا بثمنِ الكشفِ ؟ لم يعُد هناكَ مَن لم أستلف منه حتى ضَجِرَ مِنِّي !



- نبيعُ السريرَ و الدُّولابَ



- لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله .. اِفرجها من عندك يا



- كلُّه يهون المهم أن نطمئنَ عليه ،


و سأسافرُ للبلدِ بعدَ ذلكَ لأطلبَ من عَمِّي نصيـبي في ورث أبِي الله يرحمه


- طيب ، ننام الآن والصباح رباح ،


الصبح نبيعُ ما نبيعُ ونحجزُ له عندَ الدكتور ، ربنا يدبرها



- نم أنت ، سأسهر أعمل له كمادات تخفف من حرارته .


2009

يسيرُ شابان عشرينيان جوارَ النيلِ فيلمحانِ كهلاً ملقيًّا فوقَ الرصيفِ


يقتربانِ ليتأكَّدا أنه ما زال حـيًّا فتزعجُهُما رائحتُه فيبتعدانِ


و يسألانِ بائعَ الفــُلِّ :



- أحيٌّ هذا الرجلُ أم ميتٌ ؟



- حي ، و زي القرد ،


إنه الأسطى سمير صاحب محل الميكانيكي الذي كان بأول الشارع ،


بعيد عنكم المخدرات خربت عقله بعدما هربت زوجته مع شاب صغير


،، تاخدوا فل ؟



نظر الولدان لبعضهما في حيرة و قد صعب عليهما ما سمعا ،



فقال أحدهما :



- مسكين ، لعله من الواجب أن ننقله لمستشفى و نساعده



ردَّ الآخر :



- و البنات المنتظرات أمام السينما ؟



الصباح رباح ، بكرة نأتي لنراه و نساعده .


1990

تنتظرُ حـتَّى ينامَ وزوجته ، تتحركُ ببطءٍ ،


ينتابـُها خوفُ الاصطدامِ بشيءٍ في طريقِها للمطبخِ ،،


وصلت بعدَ وقتٍ طويلٍ استغرقَ فيه سميرُ فيما يفعلُه و زوجته


و استغرقت هي في مشاهد حياتِها التي توالت أمامَها ،،


فكانت تلعبُ " الأولى " أمامَ دارِها يومَ فرحِ ابنةِ خالتِها الكُبرى


و حسنُ جالسٌ - في جلبابِه الجديدِ - معَ أبيه لا يرى غيرَ هذهِ الطفلةِ الفاتنةِ ،


يجذبُ رداءَ أبيهِ و يـُشيرُ إليهِ سائلاً :



- بنتُ من هذه ؟



- و مالك بها يا ولدي ؟



- عاوز أخطبها



- بجد يا حسن يا ولدي ؟



- أي والله



- على خيرة الله ، تعالَ نكلِّم أباها ،


أبوها كان صاحبِي أيامَ الشبابِ قبلَ أن أتزوجَ أمَّك ونسافر لأسيوط



تتذكر جيدا كيف كان أمردا ،


و كيف كانت زركشة لاسته تعجبها ، كان قمرا كحيل العين أسمر



تسمع صوت سرير سمير يتحرك و تدرك ما به ولا تفكر فيه


فقط تذكر صوت قطار الفجر يحملها و حسن إلى القاهرة كما اتفق مع والدها


أنهما سيعيشان بالقاهرة و دموعها تنساب لفراقها أهلها و لفرحها بحبيبها


و بالسفر الذي حسدتها عليه بنات قريتها أمدا طويلا



تلمَّست الأواني و أزالت الغطاء و مات غبريال أفندي ،


و وجدت لحما مطبوخا و لم يجد حسن غير ابن عمه ليستلف منه ،


سقطت على الأرض فارتطمت بكرسيٍّ محدثة صوتا مفزعا ،


خرج على إثره سمير يلعن حظه النحس !



حملها لغرفتها و معه زوجته الغضبانة المتلسنة بشتائم لا حصر لها


لهذه العجوز معوجَّة الفم و اليد المتمتمة بكلام لم ينصتا له



قالت زوجته بلهجة آمرة :


الصباح رباح ،


بكرة نشُـفها و نعرف ما جرى لها


ردَّت أمه : نبيع السرير يا حسن ونكشف عليه




أحمد سعيد



18 يوليو 2009

Related Posts with Thumbnails